الرئيس الجزائري الأسبق أحمــــد بن بلّــة -50سنة بعد النكبة
صفحة 1 من اصل 1
الرئيس الجزائري الأسبق أحمــــد بن بلّــة -50سنة بعد النكبة
السؤال الأول:
لماذا هزمنا؟ وأية عوامل ترونها أسباباً في انحسار المشروع الوطني الفلسطيني بدءاً من تحرير كامل فلسطين وصولاً إلى المرحلة الراهنة؟
الجواب الأول:
قبل أي شيء يجب أن نعطي الموضوع أبعاده الحقيقية. إن المعركة الفلسطينية هي آخر المعارك ضد الاستعمار ونحن نواجه أخطر تركة استعمارية ألا وهي إسرائيل. إن قضية فلسطين تتجاوز في هذا الإطار مجرد قضية جغرافية بل هي رمز أساسي لظاهرة الاستعمار بشكل عام والنضال للقضاء على هذه الظاهرة ومحوها. إن الاستعمار الإسرائيلي هو لب كل المشاكل في الساحة العربية والإسلامية ككل لأن وجود هذا الكيان الغريب مرتبط بمصادر الطاقة التي توجد لدى المنطقة العربية الإسلامية. والنظام العالمي الجديد يريد تكبيل كل المنطقة من أجل هذا الشيء. إذن فإن حربنا ضد الصهيونية تتجاوز الإطار الجغرافي الداخلي لفلسطين لتشمل كل منطقتنا.
السؤال الثاني:
بعد مائة على قيام الصهيونية كحركة سياسية، هل ترون أن المشروع الصهيوني قد تغير وما هي أبرز ملامح التغيير فيه.؟
الجواب الثاني:
المشروع الصهيوني هو مشروع استعماري ويريد أن ينجح بأي وسيلة كانت. فالقضية هي قضية وجود. وجوده يعني القضاء على وجودنا على الساحة العربية كلياً.
إلا أن هذا المشروع الاستعماري لم ينجح تماماً لأنه لم يستطع تجميع كل اليهود وبالأخص نتيجة للصمود المتواصل للثورة الفلسطينية.
إن القضية بنوعيتها لا يمكن أن تحل إلا بعد أجيال. لنأخذ مثلاً أندونيسيا، إن عملية تحررها دامت أكثر من 3قرون، والجزائر تحررت بعد 133 سنة والأمثلة كثيرة جداً ومتعددة حين ننظر إلى التاريخ وإلى مختلف البقاع في العالم. إن القضاء على الاستعمار يتطلب معركة أجيال. إن تحرير الجزائر عرف أجيالاً منهم جيل الأمير عبد القادر وفي المغرب هنالك الأمير عبد الكريم. فالمشكل إذن هو مشكلة أجيال ولكن لا مفر من نهاية الاستعمار هذا السرطان والبؤرة الخبيثة. نرى هذا الاستعمار اليوم يهدد فلسطين والعراق ويحاول القضاء على كل شيء.
إذن هذا هو مستوى المعركة: لا مفر من زوال الاستعمار ولو على المدى البعيد فذلك مسألة حتمية. إن هذه البقعة من الأرض حملت مشعل الحضارة لمدة (800) سنة ولهذا لا يمكن القضاء على الثقافة العربية الإسلامية على عكس الشيوعية مثلاً. إن سامويل هونتغتون يحاربنا بكل ما لديه من جهد ولكن المسألة أقوى منه بوجود الفارابي وابن سينا وابن رشد والقائمة طويلة. إن الغرب يشعر بهذه القوة الثقافية. وخلف فلسطين هنالك هذا الوزن التاريخي، وهذا على عكس المشروع الاشتراكي الذين نجحوا في التغلب عليه (حالياً) على الأقل.
السؤال الثالث:
ما هو تأثير الاتفاقيات المبرمة بين إسرائيل وعدة أطراف عربية: كمب ديفيد، وادي عربة واتفاقيات أوسلو على مجرى الصراع العربي الصهيوني؟
الجواب الثالث:
كل هذه الاتفاقيات مؤقتة ومحدودة ولا تستطيع الذهاب بعيداً حيث أننا نحن نشكل أمة موحدة ضميرياً. الوحدة في ضمير الشعب العربي كله. وضميرنا متوحد أكثر من الضمير الأوروبي. وهذا لا يمكنهم القضاء عليه. قضوا على الكثير من المشاريع ولكن لن يطالوا وحدة ضميرنا. لمّا توحد العرب على البترول مثلاً، أصيب الغرب بفاجعة وظهرت عظمة وحدة الكلمة مع فيصل الضمير الذي هو سلاحنا الأساسي وهو متوفر.
السؤال الرابع:
كيف ترون ضرورة الربط بين الخاص الوطني والعام القومي من أجل بناء الجبهة الوطنية الشعبية العربية العريضة لمقاومة المشروع الصهيوني سياسياً واقتصادياً وثقافياً؟
الجواب الرابع:
هذا يأتي من الممارسة وحتى من هزائمنا. قبل بضعة سنوات قالوا إن مشروعنا الوحدوي مات، وهم اليوم يتحدثون في الغرب عن رأي عام عربي ضد ضرب العراق. ما هو الجديد إذن؟ الجديد هو ما حدث في العالم العربي هذه الأيام بما في ذلك دول الخليج، والإمارات كان موقفها من أروع ما يكون. هنالك رأي للأمة العربية يفرض نفسه. إن الذي أعطى النجاح لكوفي أنان هو أنه أول أمين عام للأمم المتحدة فهم شخصيتنا. اعترف بأن الغرب لا يعرف سيكولوجية العرب وكبرياءهم. لأنه فهمنا وجد حلاً للأزمة وما زلنا نأمل في أن يلعب كوفي أنان أدواراً كبيرة لصالح الحق.
أما بخصوص الربط بين الوطني والقومي فلا أراه بمنظور غربي. هنالك فعلاً مميزات علينا احترامها. إن الربط ضروري بين النظرة الوطنية المبسطة والنظرة الوطنية العميقة إن الضمير العربي هو الحقيقة التي لا غبار عليها.
كل شعب مصر رافض للتطبيع وكمب ديفيد وحتى نتنياهو يريد كمب ديفيد ثانية ولكن العرب كشعب على الأقل يرفضون هذا.
السؤال الخامس:
في رأيكم على ضوء المستجدات السياسية الراهنة كيف ترون أشكال الخروج من المأزق.؟
الجواب الخامس:
أن التعايش مع اليهود والأقليات هي من خصوصياتنا نحن العرب والمسلمين. نحن لسنا كالغرب تاريخياً كلما ضرب الغرب اليهود ضربوا معهم العرب والعكس بالعكس. إن اليهود جزء من ثقافتنا وتربطنا معهم علاقات ولكن فصيلاً منهم نشأ لدى الغرب وأعطى المشروع الصهيوني. للأسف لقد طرحوا المشكل بطريقة غربية. هم عانوا من عنصرية الغرب ولكنهم دخلوا معنا نحن في مواجهة وهذا أمر غريب ولكن بالنهاية سيفشلون في مشروعهم الصهيوني.
إن الغرب والصهاينة يعرفون جيداً أننا سنكون نحن العرب 565 مليون نسمة خلال 20 سنة حسب دراسات الأمم المتحدة الديمغرافية. كما أن ثقافتنا لا تزال حية ومن أكبر الثقافات الإنسانية، وإشعاعها ما يزال يزداد ويتوسع. ولا ننسى أن العرب المسيحيين واليهود ينتمون إلى ثقافتنا لهذا فالمستقبل ليس للصهيونية هذه الحركة العنصرية.
إضافة إلى أني أشعر بأن الروح القومية تسترجع قوتها فهنالك رأي عام في كل نقطة من وطننا وهذا ما لا يمكن تجاهله في الحاضر والمستقبل.
أنني أستغرب من أبي عمّار أن يتكلم عن (صلح الشجعان) وأنا أقول له: هذا الخطاب استعملته معنا فرنسا في الجزائر ولكننا رفضناه لأنه خديعة واستمرينا في الحرب 3سنوات أخرى حتى انتصرنا، وبدون سلام الشجعان. وأقول هذا كأخ لعرفات وعليه أن يفكر بأنه ليس من الضروري أن يحل هو بنفسه المشكل الفلسطيني فالأجيال القادمة هي التي ستحل المشكل ولا يجب عليه أن يضيق عليهم الأبواب بما ينتهجه الآن من سياسة.
انتهى
وسلامي الحار لكم ونحن معكم إلى الأبد
أحمد بن بلة
مواضيع مماثلة
» النكبة فيديو*مع هيكل*
» النكبة والفريق سعدالدين -2-
» النكبة ونايف حواتمة -1-
» النكبة ونايف حواتمة-2-
» النكبة و خالـــد مشـــــعل
» النكبة والفريق سعدالدين -2-
» النكبة ونايف حواتمة -1-
» النكبة ونايف حواتمة-2-
» النكبة و خالـــد مشـــــعل
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى