جمعية العلماء م ج تابع
صفحة 1 من اصل 1
جمعية العلماء م ج تابع
أما المدارس فقد أنشأت الجمعية خلال ثلاث سنوات، مائة وخمسين مدرسة، يتعلم بها ما يقرب من خمسين ألف تلميذ، كما يقول مؤلفا كتاب الجزائر الثائرة، وبعض هذه المدارس كان يعتبر -إلى جانب الغرض التعليمي- مركزًا من مراكز النشاط الاجتماعي، بما كانت تقيمه وتدعو إليه في نهاية العام وفي المناسبات الدينية، من حفلات حافلة بالخطب والشعر، كمدرسة الشبيبة الإسلامية في مدينة الجزائر.
وفي سبيل استخدام كل وسيلة لنشر التعليم العربي، اتجهت الجمعية إلى الزوايا القديمة، داعية إلى إصلاحها بحيث تكون ملائمة لروح العصر.
الصعوبات والمعوقات
لم تغفل السلطة الفرنسية عن نشاط الجمعية، وبدأت في التضييق على أعضائها منذ عام 1933، ووضعت كافة أعضائها تحت المراقبة، ومنعت إصدار تصاريح جديدة لمدارس الجمعية.
ولما كانت الإجراءات الفرنسية ضد الجمعية بغرض تحجيم حركة الجمعية حتى يخلو الطريق للصوفية، فقد واجهت الجمعية الصوفية في المساجد وبين جموع الناس، فاستيقظت الجزائر على حقيقة الصوفية الخاضعة وتهاونها مع المحتل.
وكانت المواجهة الثانية مع المؤامرات الفرنسية على هوية الجزائر في عام 1936، وذلك من خلال مشروع فرنسي يجعل الجزائر مقاطعة فرنسية، ويتم تمثيلها في البرلمان الفرنسي، وظن البعض أن هذا المشروع قد يكون طريقًا للحصول على بعض حقوق الجزائر المهدرة، فشارك مجموعة من الجمعية على رأسهم ابن باديس في مؤتمر جزائري فرنسي في باريس لمناقشة المشروع، وكان حضورهم بشكل شخصي حتى لا يخالفوا قانون الجمعيات، واستطاع أفراد الجمعية توجيه القرارات النهائية بما يحفظ للجزائر عروبته، وإسلامه، وذاتيته، وصاغ ابن باديس رده على المشروع في قصيدة مفحمة.
كان نجاح الجمعية في إحباط هذه المؤامرة دافعًا للسلطات الفرنسية إلى أن تجد من الوسائل ما يحطم بعضًا من شخصيات الجمعية، فدفعت الطرق الصوفية العميلة إلى مهاجمة ابن باديس، حتى إنها أطلقت عليه -أي الصوفية– "ابن إبليس"! كما دبرت سلطات الاحتلال اغتيال مفتي العاصمة ابن مكحول، واتهمت الطيب العقبي بقتله، ولم تحاكم الرجل أو تقبض عليه، وتركت الاتهام معلقًا، وذلك حتى تُشَوِّهَ سمعة الرجل وجمعيته، وهو ما دفع به إلى الاستقالة عام 1938.
ومع قيام الحرب العالمية الثانية، طالبت فرنسا كافة الهيئات الجزائرية بتأييد موقف فرنسا، وكان ذلك تمهيدًا لإشراك الجزائريين في صفوف القتال الفرنسية، ورفضت الجمعية، وكانت المواجهة هذه المرة مع السلطة الفرنسية مباشرة، فأصدرت السلطات قرارًا بإلغاء الجمعية عام 1940، وتوفي ابن باديس في نفس العام، وخلفه محمد البشير الإبراهيمي في رئاسة الجمعية، ولكنه اعتقل وعُذِّب في عام 1941، ثم قامت سلطات الاحتلال بنفيه إلى الصحراء، وفي عام 1946 عادت الجمعية إلى النشاط بعد الإفراج عن رئيسها، ولكنها لم تعد كما كانت من قبل.
أفول نجم جمعية العلماء
كانت الخطوة الأولى في اتجاه أفول نجم الجمعية هي خروج الجمعية عن أهدافها السابق ذكرها، وانخراطها في العمل السياسي، مع صدور نظام الجزائر الجديد الصادر من السلطة الفرنسية عام 1947، وفيه اعترفت فرنسا بما يشبه الحكم الذاتي للجزائر، واعترفت باللغة العربية لغة أساسية في الجزائر، ومن ثم اتجهت الجمعية إلى ممارسات سياسية ورطتها في مواقف وتحالفات وصدامات سياسية، وصرفت الجمعية عن التركيز على معاني التربية التي صنعت لها مكانتها عند الشعب الجزائري.
والخطوة الثانية هي سفر كل من رئيس الجمعية البشير الإبراهيمي، ونائبه أحمد المدني إلى مصر في عام 1951، واستقرارهما بها منذ عام 1952، وإن كان عذرهما هو حشد التأييد السياسي والمادي للثورة والقضية الجزائرية، وخشية الاعتقال عند العودة، ونجاحهما في المشاركة في تأسيس مكتب المغرب العربي بالقاهرة، وافتتاح إذاعة صوت الجزائر من الإذاعة المصرية، وقد كان أول صوت يصدر من هذه الإذاعة صوت البشير الإبراهيمي مناديًا الثوار: "لا نسمع عنكم أنكم تراجعتم، أو تخاذلتم"، ولكن هذا الغياب المستمر أورث فراغًا في التوجيه والقيادة، لم تستطع قيادة العربي البتسي أن تقنع القدامى أو الجدد، ومن ثم بدأت صراعات خفية حول رئاسة الجمعية.
كانت الخطوة الثالثة هي الانقلاب الداخلي الذي قاده محمد خير الدين، والذي غيّر كثيرًا من الهياكل، وأدان الغائبين عن أداء واجبهم خارج البلاد، وقد كان ذلك في اجتماع أخير عقدته الجمعية في سبتمبر 1954م.
انتهى الأمر بصدور قرار حل الجمعية من السلطات في الجزائر في منتصف عام 1956م، ولم يستطع القائمون عليها الاجتماع وإعادة تنظيم أنفسهم، وخاصة مع توجه الجميع للمشاركة في الثورة المسلحة التي اشتعلت منذ عام 1954م، وكانت ثمرة جميع الجهود في عام 1961م، وهي استقلال الجزائر العربية المسلمة.
عماد حسين
محرر صفحة الاستشارات الدعوية
وفي سبيل استخدام كل وسيلة لنشر التعليم العربي، اتجهت الجمعية إلى الزوايا القديمة، داعية إلى إصلاحها بحيث تكون ملائمة لروح العصر.
الصعوبات والمعوقات
لم تغفل السلطة الفرنسية عن نشاط الجمعية، وبدأت في التضييق على أعضائها منذ عام 1933، ووضعت كافة أعضائها تحت المراقبة، ومنعت إصدار تصاريح جديدة لمدارس الجمعية.
ولما كانت الإجراءات الفرنسية ضد الجمعية بغرض تحجيم حركة الجمعية حتى يخلو الطريق للصوفية، فقد واجهت الجمعية الصوفية في المساجد وبين جموع الناس، فاستيقظت الجزائر على حقيقة الصوفية الخاضعة وتهاونها مع المحتل.
وكانت المواجهة الثانية مع المؤامرات الفرنسية على هوية الجزائر في عام 1936، وذلك من خلال مشروع فرنسي يجعل الجزائر مقاطعة فرنسية، ويتم تمثيلها في البرلمان الفرنسي، وظن البعض أن هذا المشروع قد يكون طريقًا للحصول على بعض حقوق الجزائر المهدرة، فشارك مجموعة من الجمعية على رأسهم ابن باديس في مؤتمر جزائري فرنسي في باريس لمناقشة المشروع، وكان حضورهم بشكل شخصي حتى لا يخالفوا قانون الجمعيات، واستطاع أفراد الجمعية توجيه القرارات النهائية بما يحفظ للجزائر عروبته، وإسلامه، وذاتيته، وصاغ ابن باديس رده على المشروع في قصيدة مفحمة.
كان نجاح الجمعية في إحباط هذه المؤامرة دافعًا للسلطات الفرنسية إلى أن تجد من الوسائل ما يحطم بعضًا من شخصيات الجمعية، فدفعت الطرق الصوفية العميلة إلى مهاجمة ابن باديس، حتى إنها أطلقت عليه -أي الصوفية– "ابن إبليس"! كما دبرت سلطات الاحتلال اغتيال مفتي العاصمة ابن مكحول، واتهمت الطيب العقبي بقتله، ولم تحاكم الرجل أو تقبض عليه، وتركت الاتهام معلقًا، وذلك حتى تُشَوِّهَ سمعة الرجل وجمعيته، وهو ما دفع به إلى الاستقالة عام 1938.
ومع قيام الحرب العالمية الثانية، طالبت فرنسا كافة الهيئات الجزائرية بتأييد موقف فرنسا، وكان ذلك تمهيدًا لإشراك الجزائريين في صفوف القتال الفرنسية، ورفضت الجمعية، وكانت المواجهة هذه المرة مع السلطة الفرنسية مباشرة، فأصدرت السلطات قرارًا بإلغاء الجمعية عام 1940، وتوفي ابن باديس في نفس العام، وخلفه محمد البشير الإبراهيمي في رئاسة الجمعية، ولكنه اعتقل وعُذِّب في عام 1941، ثم قامت سلطات الاحتلال بنفيه إلى الصحراء، وفي عام 1946 عادت الجمعية إلى النشاط بعد الإفراج عن رئيسها، ولكنها لم تعد كما كانت من قبل.
أفول نجم جمعية العلماء
كانت الخطوة الأولى في اتجاه أفول نجم الجمعية هي خروج الجمعية عن أهدافها السابق ذكرها، وانخراطها في العمل السياسي، مع صدور نظام الجزائر الجديد الصادر من السلطة الفرنسية عام 1947، وفيه اعترفت فرنسا بما يشبه الحكم الذاتي للجزائر، واعترفت باللغة العربية لغة أساسية في الجزائر، ومن ثم اتجهت الجمعية إلى ممارسات سياسية ورطتها في مواقف وتحالفات وصدامات سياسية، وصرفت الجمعية عن التركيز على معاني التربية التي صنعت لها مكانتها عند الشعب الجزائري.
والخطوة الثانية هي سفر كل من رئيس الجمعية البشير الإبراهيمي، ونائبه أحمد المدني إلى مصر في عام 1951، واستقرارهما بها منذ عام 1952، وإن كان عذرهما هو حشد التأييد السياسي والمادي للثورة والقضية الجزائرية، وخشية الاعتقال عند العودة، ونجاحهما في المشاركة في تأسيس مكتب المغرب العربي بالقاهرة، وافتتاح إذاعة صوت الجزائر من الإذاعة المصرية، وقد كان أول صوت يصدر من هذه الإذاعة صوت البشير الإبراهيمي مناديًا الثوار: "لا نسمع عنكم أنكم تراجعتم، أو تخاذلتم"، ولكن هذا الغياب المستمر أورث فراغًا في التوجيه والقيادة، لم تستطع قيادة العربي البتسي أن تقنع القدامى أو الجدد، ومن ثم بدأت صراعات خفية حول رئاسة الجمعية.
كانت الخطوة الثالثة هي الانقلاب الداخلي الذي قاده محمد خير الدين، والذي غيّر كثيرًا من الهياكل، وأدان الغائبين عن أداء واجبهم خارج البلاد، وقد كان ذلك في اجتماع أخير عقدته الجمعية في سبتمبر 1954م.
انتهى الأمر بصدور قرار حل الجمعية من السلطات في الجزائر في منتصف عام 1956م، ولم يستطع القائمون عليها الاجتماع وإعادة تنظيم أنفسهم، وخاصة مع توجه الجميع للمشاركة في الثورة المسلحة التي اشتعلت منذ عام 1954م، وكانت ثمرة جميع الجهود في عام 1961م، وهي استقلال الجزائر العربية المسلمة.
عماد حسين
محرر صفحة الاستشارات الدعوية
مواضيع مماثلة
» جمعية العلماء والثورة المباركة تابع
» جمعية العلماء م ج 2
» دعوة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين و أصولها
» - بيان جمعية العلماء المسلمين الجزائريين 15 نوفمبر 1954
» جمعية العلماء المسلمين الجزائريين
» جمعية العلماء م ج 2
» دعوة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين و أصولها
» - بيان جمعية العلماء المسلمين الجزائريين 15 نوفمبر 1954
» جمعية العلماء المسلمين الجزائريين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى