نداء لإصدار ميثاق عالمي حول الصحاري والتصحر-الرئيس الجزائري ع ع ب

رسالة موجهة من فخامة الرئيس عبدالعزيز بوتافليقة
رئيس الجمهورية الديمقراطية الشعبية الجزائرية
  في يوم البيئة العالمي
إنه لمن دواعي السرور و الشرف لدولة الجزائر أن يختارها برنامج الأمم المتحدة للبيئة كي تستضيف احتفالات يوم البيئة العالمي 2006 . كما أن اختيارانا يعتبر مدعاة للفخر؛ ولاسميا أن موضوع هذا العام يركز بصفة خاصة على الصحاري و التصحر.
يتناول الشعار الرسمي ليوم البيئة العالمي 2006 "لا تهجروا الأراضي القاحلة" عملية التنمية المستدامة في الصحاري. و استجابة لمخاوف و توقعات العديد من الدول تجاه تلك القضية، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بناءا على حث من دولة الجزائر، القرار 58/211 و الذي يجعل من عام 2006 العام الدولي للصحاري و التصحر.
ومن خلال دورها الثنائي كالدولة المضيفة ليوم البيئة العالمي و "كالصوت" الرسمي لعام 2006 الدولي للصحاري و التصحر، حصلت الجزائر على اعتراف دولي بجهودها الموجهة نحو الحماية البيئية و التنمية المتوازنة والمستدامة. أضف إلى ذلك أنشطتها الواسعة والمتنوعة الهادفة إلى حماية البيئة. تحرص الجزائر كل الحرص على إقامة شراكة دولية مبتكرة و صادقة تقوم على مبادئ العدل، والتضامن، والمسئولية المشتركة.
إن دولتي لتشعر بالامتنان لاستضافة يوم البيئة العالمي 2006 في القارة الأفريقية، والتي تغطي الصحاري والأراضي القاحلة مساحة واسعة منها؛ مما يجعلها أكثر المناطق تأثراً بالعواقب الوخيمة المترتبة على التردي الخطير للتربة الخصبة. ليس ذلك فحسب، بل يجعلها أيضاً أكثر المناطق حساسية تجاهها. إن فترات الجفاف المستمرة والدورية، والكوارث الطبيعية المتكررة، والفقر، والهجرة وغيرها من الأمور المأساوية الأخرى الخاصة بتراجع التنمية كان لها تبعات عديدة لا يمكن قصرها على السياقات والمساحات الوطنية والإقليمية الضيقة؛ وذلك لأنها تتعدى الحدود السياسية والطبيعية للدول. والجدير بالذكر أن الأمين العام للأمم المتحدة السيد كوفي أنان قد ألقى الضوء على تلك التبعات الكثيرة المشار إليها آنفاً في العديد من المناسبات.
ومما لاشك فيه، تعتبر الشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا، تلك المبادرة الإفريقية الفريدة والمبتكرة، والتي كانت الجزائر أحد الأطراف التي حثت على اتخاذها، استجابة قوية ومسئولة للتحديات الأساسية التي تواجهها القارة اليوم. فإفريقيا عليها أن تواجه تحديات العولمة بثروة طبيعية وبشرية غالباً ما تكون قليلة أو مساء استخدامها، ولاسيما تلك التحديات المتعلقة بحوكمة أفضل، وتنمية مطردة ومستدامة، والتي يشكل البعد البيئي حجر الزاوية فيها. إن مكافحة التصحر، وصون وتنمية المناطق القاحلة وشبه القاحلة، والمناطق الجبلية، والغابات على نحو متكامل ومنطقي، بالإضافة إلى الحفاظ على الموارد المائية، والحد من وطأة الفقر كلها تمثل أهداف أساسية يجب تناولها بشكل سريع؛ وذلك بغية وضع نهاية للآثار المدمرة لتراجع معدلات التنمية في القارة.
وبمناسبة يوم البيئة العالمي تم توجيه مطلب للمجتمع الدولي لبحث إمكانية تشكيل شراكة مستدامة، تكون مسئولة، ومبتكرة، وقادرة على المساهمة بشكل فعال في إنجاح تلك المبادرة الإفريقية النموذجية في عملية التنمية البيئية؛ ومن ثم يستجيب المجتمع الدولي بذلك لصرخات اليأس، والطموحات، والتوقعات الخاصة بالأمم والشعوب الذين عليهم تحمل المحن اليومية والمستقبل غير واضح المعالم. يجب علينا مواجهة الحقيقة التي لا مناص منها، وهي أنه في بعض الأحيان، يؤدي التراجع في الموروث الثقافي والطبيعي والزراعي الذي لا يمكن صده ولا دحره في الأنظمة البيئية الهشة، والتنوع البيولوجي الضعيف، والانتشار السريع للصحاري، إضافةً إلى الاستجابة الدولية غير الملائمة، والجهود المحلية غير المناسبة لمكافحة التصحر، وكذا تفاقم ظروف الفقر في العالم إلي تعميق الأزمة على النطاق العالمي. 
في عام 2005، في مدينة سان فرانسيسكو، وتحت شعار "المدن الخضراء: لنخطط لمستقبل الأرض" تلقينا دعوة لإقرار اتفاقيات بشأن تكوين شبكة من المدن المكافحة من أجل بيئة حضرية مستدامة. وهذا العام، ننادي بتبني ميثاق عالمي بشأن الصحاري ومكافحة التصحر، وذلك لتمييز يوم البيئة العالمي، ونهاية العام الدولي للصحاري والتصحر. ومن هنا نأمل أن نسهم في تحقيق بعض الأهداف الإنمائية للألفية، الأهداف التي أكدها مجدداً رؤساء الدول، والحكومات أثناء القمة العالمية التي عقدت في نيويورك في أيلول/ سبتمبر 2005.
إن كافة مساعينا ترنو إلى التأكيد المستدام على جهودنا المشتركة الرامية إلى تعزيز حقوق الانسان، وإيجاد بيئة صحية وحياة لائقة تفي بالمتطلبات، علاوة على تحقيق تنمية عالمية وحقيقية مستدامة للجميع. وبالتالي فإن مهمتنا أن نضافر الجهود ونوحد الوسائل ونجعلها تعمل من أجل قناعتنا المشتركة، ألا وهي المستقبل المشترك، لأجيال اليوم والغد ولحقهم الشرعي في أن يحيوا في كوكب آمن وسالم.
فليكن يوم البيئة العالمي هذا فرصة لنا جميعا كي نكون رسل للسلام و التناغم العالميين، رسل للأمل في المستقبل، مستقبل أولادنا وكوكبنا. 
عبدالعزيز بوتافليقة