قراءة تحليلية لمنهاج الفلسفة السنة الثانية وفق طريقة المقاربة بالكفاءات
صفحة 1 من اصل 1
قراءة تحليلية لمنهاج الفلسفة السنة الثانية وفق طريقة المقاربة بالكفاءات
قراءة تحليلية لمنهاج مادة الفلسفـــــــــــــــة شعبة آداب و فلسفة – السنة الثانية- الأستاذ/ جحلاط فيصل ثانوية تيبازة |
من الأهداف التربوية العامة لمشروع إعادة تنظيم التعليم و التكوين ما بعد الإلزامي الخاص بالتعليم الثانوي العام و التكنولوجي / إيقاظ الشخصية ، الفضولية ، الفكر الناقد ، الإبداع ، الاستقلالية الذاتية ، اكتساب معارف أساسية مندمجة قابلة للتجنيـــــــــــــــــــــــد
ان المتأمل لهذه الأهداف المسطرة يدرك بعدها الفلسفي ، كما يدرك أهمية مادة الفلسفة في تحقيقها.
لذلك قام برنامج الفلسفة الجديد على نظرة تربوية جديدة تعرف اليوم بالمقاربة بواسطة الكفاءات
و هي استراتيجية جديدة تسعى الى تحقيق تغيير نوعي في سلوك المتعلم و في رؤيته للعالم و واقع الحياة ، كما تساعده على التكيف السريع ، و التلاؤم النافع مع التغيرات التي يعرفها العالم ، و التحولات المستمرة التي يعيشها الناس في حياتهم
اليومية ، و من ثمة تمكنه من الإبداع المفيد ، و المشاركة في بناء الحضارة الإنسانية
ونعني بالكفـــــــاءة Compétence/ القدرة على التكيف مع أنواع الوضعيات التي يصادفها المتعلم في الحياة اليومية ، و تتطلب منه تجنيد موارد ، أي مجموعة من المعارف الفعلية و السلوكية من أجل معالجة و حل وضعيات متنوعة غير متوقعة و جديدة بالنسبة اليه
أمام وضعية مشكلة التي يحررها الأستاذ و يقدمها لتلامذته في اطار الإشكاليات المبرمجة في المنهاج ، يكون التلميذ مدعوا إلى ممارسة كفاءته ، لذلك ينبغي أن لا تكون الوضعيات المنتقاة أو المختارة قد حلت من قبل جماعيا أو فرديا ، حتى لا يكون مجرد إعادة أو تكرار .
فالتكرار يسخر أساسا القدرة على التذكر ، و يهمل القدرة على التمييز و المقارنة و النقد و التحليل و الاستنتاج ، و غيرها من القدرات التي ينبغي أن تجند ، بالاضافة الى القدرة على الابتكار .
إذن طريقة المقاربة بواسطة الكفاءات ، تتضمن نشاطا يكون فيه التلميذ هو الفاعل ، بحيث يجند فيه كل مكتسباته لانجازه ، و عندما يجرب التلميذ قدراته يكون بحاجة إلى مساعدة و هنا يكمن دور الأستاذ في مساعدة التلميذ للكشف عن قدراته و كيفية استغلالها و توظيفها في حل المعضلات التي يصادفها
هذا الواقع الجديد فرض تغييرات هامة في منهجية تدريس مادة الفلسفة ، فأصبح المنهاج يحدد الكفاءات المطلوب انجازها في مستوى المتعلم ، و هي كالتالي
الكفاءة الختامية الاولى
اكتساب القدرة على التحكم في آليات الفكر النسقـــــــــــــــــــــي
– أي يتعلم التلميذ كيف يفكر- فليس المهم ما نفكر فيه ، لأن المواضيع تختلف و تتغير بتغير الزمان و المكان ، لكن المهم هو الحصول على الأدوات التي نفكر بها تفكيرا فلسفيا ، و يمكن
-1-
تلخيصها في ثلاثة قدرات أساسية لا يستقيم التفلسف بدونها و هي – القدرة على الفهم- القدرة على النقد- القدرة على بناء الحكم أو الموقف-
–
الكفاءة الختامية الثانية
خوض تجارب فعلية في طرح القضايا الفلسفية و فهمها و من ثمة الارتقاء الى محاولة حلهـــــــــــــــــــــــــــــــــــا
أي يتعلم التلميذ فيما يفكر ، أي ما هي القضايا التي يستخدم فيها تلك الأدوات التي حصل عليها ؟ فيبادر لممارسة التفلسف الحقيقي في مواجهة الوضعيات التي يصادفها أو معالجة المشكلات التي يقع فيها ، بالتحليل و الفهم السليم و الابداع
وتجدر الإشارة إلى أن الكفاءتين الختاميتين لن تتحققا دون تحقيق كفاءات محورية أو مرحلية ، وهي سبعة 07 : خمسة 05 تستهدف الكفاءة الختامية الاولى ،(أي كيف نفكر) و اثنتين 02 تستهدفان الكفاءة الختامية الثانية أي (فيما نفكر).
و الكفاءات المحورية بدورها لن تتحقق الا بتحقيق كفاءات قاعدية أو كفاءات خاصة حددها المنهاج في 25 كفــــــاءة ، عشرون 20 منها تنضوي تحت الكفاءات المحورية الاولى ، و خمسة 05 تنضوي تحت الكفاءات المحورية الثانية
أذن يجد الاستاذ نفسه أمام تدرج تصاعدي في تحقيق الكفاءات من الخاص الى العام ، أو من البسيط الى المركب
علاقة المضامين المعرفية بالكفاءات المستهدفة
لقد وضع المنهاج مضامين معرفية تستهدف هذه الكفاءات حددت في برنامج تدريس المادة ، و تم مراعاة نفس الترتيب التصاعدي بشكل دقيق و هادف ، فجاءت المضامين على شكل إشكالياتين عامتين هما
1- إشكالية الفكر النسقي آلياته و نماذجه
2- إشكالية القضايا الفلسفيـــــــــــــــــــة
-2-
و تتفرع هاتان الإشكاليتان الى ستة 06 إشكاليات محورية ، خمسة 05 تنضوي تحت الإشكالية العامة الأولى ،- و تضم سبعة عشر17 مشكلة جزئية- و إشكالية واحدة تنضوي تحت الإشكالية العامة
الثانية ،- و تضم أربعة مشكلات جزئية-
ملاحظـــــــــــــة 01 / (ترابط المضمون بالكفـــــــــاءات)
كل اشكالية عامة من المحتوى المعرفي تحقق كفاءة ختامية ، و كل اشكالية محورية تحقق كفاءة محورية ، و كل مشكلة جزئية تحقق كفاءة قاعدية أو خاصة .
ملاحظــــــــــــــة 02/(ترابط إشكاليات المحتوى المعرفي)
إذا وضعنا مقارنة بسيطة بين المنهاج القديم و المنهاج الجديد ، نجد أن المنهاج القديم تطغى عليه فلسفة التلقين و مركزية الأستاذ . فيكون التلميذ في حالة استقبال للمعلومات لا يستطيع إدماج موارده و مكتسباته القبلية و توظيفها في فهم المادة ، انه يتعرف على الفلسفة و آليتها دون أن يكون طرفا فيها ، كما جاءت المحتويات منفصلة عن بعضها البعض ، فيشعر المتعلم و كأنه ينتقل من جزيرة الى أخرى دون روابط منطقية و معرفية
لكن العمل بطريقة المقاربة بالكفاءات في المنهاج الجديد يجد التلميذ الفرصة لاستثمار موارده و توظيفها في التجاوب مع مختلف المشكلات ، فيتحول من موقع المستهلك الى الموقع المنتج مثال /
مثلا
المنهاج القديم يبتدئ بمحور تحت عنوان" مدخل الى الفلسفة " يتضمن مفهوم الفلسفة – الفلسفة كتساؤل نقدي ينصب على المنتوج الثقافي – الفلسفة كنمط متميز من التفكير ، من حيث الموضوع ، و من حيث المنهج -
ان البدئ بتقديم تعريف للفلسفة يؤكد جهلها من طرف المتعلم ، و حتى و ان تعرف على مفهومها و موضوعها و منهجها فيما بعد فانه فانه لا يخرج عن الجانب النظري . يتجاذب نحوها تارة و ينفر منها تارة أخرى نظرا لأحكامه المسبقة عن هذه المادة ، متجاهلا أنه يتفلسف يوميا دون أن يشعر بذلك ، وأن التفلسف نشاط فكري ليس حكرا على الفلاسفة فقط بل العكس ، بامكانه أن يمارسه في واقعه ، في حديثه مع الناس أو التفكير في مصيره و مشاكله الخاصة ، انه من الموارد الكامنة فيه
لذلك تحاشى المنهج الجديد موضوع مدخل الى الفلسفة ، لأنه لا يحقق أي كفاءة مبتدءا بموضوع
مشكلة أم اشكاليـــــــــــة ، أين يتمكن التلميذ من ممارسة التفلسف قبل ادراكه لمعنى الفلسفة ، فلن يكون بحاجة الى من يعرفه بالفلسفة ، ما دام أصبح يمارسها بنفسه .
لذلك على الأستاذ أن يستثمر قدرات المتعلم و يعمل على تمكينه من استغلال معارفه القبلية و تجاربه السابقة في معالجة القضايا التي يواجهها حتي يكتسب القدرة على التفلسف
-3-
ان المتأمل للمحتوى المعرفي للبرنامج يدرك الانسجام المنطقي و المرحلي بين الاشكاليات المنتقاة ،و ما تتضمنه من مشكلات جزئية فكل واحدة منها هي بمثابة مقدمة لما بعدها و نتيجة حتمية لما قبلها ،فلا يمكن تقديم أو تأخير الواحدة عن الأخرى دون أن يحد ذلك خلل في تحقيق الكفاء المستهدفــــــــــــــــــــــة
ففي الاشكالية الاولى يتعرف التلميذ على السؤال الفلسفي و ما يميزه عن الأسئلة الاخرى ، أن السؤال الفلسفي ( الإشكالي) هو الوحدة الأولى التي ينطلق منها التفلسف ، لأول مرة في حياته التعليمية يدرك التلميذ أن هناك أسئلة تتضمن مفارقات نو تفترض حلول كثيرة ، أسئلة تثير الدهشة و الاحراج ،أسئلة تجعله يشك حتى في المعارف التي كان يعتقد انها يقينية فتدفعه اللذة و الفضولية الى التساؤل عن كل شيئ ، لكن غالبا ما يقع في تساؤلات تقترب الى السفسطة ،منها الى الفلسفة فتتخلل اطروحاته مغالطات تارة ، و تناقضات تارة أخرى ، فكان من اللازم أن يتسلح التلميذ بجملة من القواعد المنطقية التي ترتب تصوراته ، و تكشف له عن هذه الاخطاء و المغالطات ، أثناء محاولاته في التفلسف و تبين اسبابها و أنواعها و كيفية تصحيحها .هذا ما تهدف اليه الاشكالية الثانية حيث جاءت كامتداد للاشكالية الاولى فيها يكتسب القدرة على استخدام آليات الفكر المنطقي ( الصوري و المادي على حد سواء) فالمنطق كما قال أرسطو هو آلة العلم و الاداة التي يتم بفضلها التفلسف .
عندما يتيقن التلميذ أن التفلسف تفكير نسقي منظم ، كان لا بد من أن يتحقق بنفسه من ذلك ، فتجعله الإشكالية الثالثة يعيش بجوارحه و شعوره مع الفلاسفة عبر العصور يطلع على أطروحاتهم المختلفة تارة و يشاركهم في حل معضلاتهم تارة اخرى ، فيكتشف ان الفكر الفلسفي متعدد ، الا أنه واحد ، ومن تاريخ الفلسفة يستنتج حتما أن الفلسفة مذاهب تختلف في مبادئها و غاياتها ، لكنها في النهاية واحدة في صورها المنطقية .
كما يتشبع التلميذ بالفكر النسقي أكثر لما يتناول المنتوج الفلسفي فيحتك مباشرة بنشاط الفيلسوف ، ويتابع منهجيته الخاصة في طرح القضايا و تحليلها و من ثمة الارتقاء الى حلها ، فيكتسب عدد من المصطلحات الفلسفية في سياق المنتوج نفسه و ذلك مع فلسفة ابي حامد الغزالي في كتابه المنقذ من الضلال .
عندما يصبح التلميذ قادرا على التحكم في آليات الفكر النسقي ( أي قادرا على التفلسف الصحيح ) يضعه المنهاج أمام قضايا فلسفية تتعلق بذاته و علاقته بالغير ، و بقضية المسؤولية و الحرية ، و قضية العنف و التسامح ثم الارتقاء الى قضايا عالمية تتعلق بالتنوع الثقافي و العولمة ، فندرك التسلسل التصاعدي في طرح القضايا ، التي يختبر فيها التلميذ موارده و كفاءتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه.
-4-
جحلاط فيصل- عضو جيد
- عدد الرسائل : 50
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 18/06/2009
مواضيع مماثلة
» فرض في الفلسفة - السنة الثانية آداب و فلسفة
» المقاربة بالكفاءات
» المقاربة بالكفاءات
» ملخص المقاربة بالكفاءات
» مقتطفات في المقاربة بالكفاءات
» المقاربة بالكفاءات
» المقاربة بالكفاءات
» ملخص المقاربة بالكفاءات
» مقتطفات في المقاربة بالكفاءات
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى