الشركات المتعددة الجنسيات وخلفياتها الجزء الأول منقول للأمانة العلمية

مقدمة
شهد مطلع النصف الثاني من القرن العشرين بداية مرحلة جديدة لتطور النظام الرأس مالي مرحلة تتميز بما يمكن أن تسميه دولية الإنتاج إذا أصبحت العملية الإنتاجية داخل المشروع الرأس مالي تتم على المستوى القومي كما كان يحدث في الماضي وإنما على المستوى العالمي بحيث أصبح الاقتصاد العالمي يحل تدريجيا محل الاقتصاديات القومية المختلفة كإطار لعملية الإنتاج الرأس مالية فبعد الانتهاء الحرب العالمية الثانية و بالتحديد منذ بداية الستينات شقت ظاهرة جديدة طريقها بقوة في جسد النظام الاقتصادي العالمي وهي الظاهرة التي أصطلح على تسميتها شركات متعددة الجنسيات وأيا ما كان هذا المصطلح من الغموض و التعقيد و أياما كان الجدل الذي ثار حوله فقد استقر في الأدبيات الإقتصادية و أصبح يشير إلى هذه المؤسسات العملاقة التي تتركز سلطة إتخاذ القرار فيها و الإشراف عليها في مجال قومي معين في حين أن نشاطها الصناعي و التجاري يغطي عدة بلدان ذلك أن لهذه الشركات المتعددة الجنسيات تأثيرا عميقا على مجرى الحياة الإقتصادية فالثابت مثلا أنها تستطيع أن تحرك مقادير ضخمة من الأرصدة النقدية وبتالي تستطيع أن تهز مركز العملة في البلد المعني كما أنها توضف إستثمارات هائلة في الصناعات القيادية في هذا البلد وذلك الأمر الذي يظاعف في النهاية من قدرتها على التأثير على المورد المالية وميزان المدفوعات في البلد الذي تنشط فيه غير أن هذه القوة التي تتمتع بها ش.م.ج وبالرغم من إحتلالها لمراكز جبارة تأثر في القرار السياسي و توجبه النظام بل أنها تولد آثارا إقتصادية و إجتماعية و ثقافية وسياسية تشمل الدولة و الجتمع ككل وهنا يكمل السؤال الذي مفاده هل هذه الأثار وذاك تأثير يعد نعمة للدول المضيفة لشركات متعددة الجنسيات وبالتالى دفعها نحو النمو أم أم أنها نقمة وهمية شاملة ترمي إلى شل إقتصاد دول العالم الثالث وإبقاءه في دائرة التخلف أو بعبارة أخرى ما مدى تأثير ش.م.ج على تنمية أقطار العلم الثالث نعتمد على هذا السؤال لإثراء بحثنا هذا معتمدين في ذلك على الدقة و الإختصار .





تاريخ الشركات متعددة الجنسيات وماهيتها1
تاريخ الشركات متعددة الجنسيات :
يرجع تاريخ العديد من الشركات المتعددة الجنسيات التي نعرفها اليوم إلى ماقبل الحرب العالمية الثانية وبشكل أكثر تأكيدا وتحديدا إلى نهاية القرن 19 فمنذ ذلك التاريخ بدأت بعض الشركات الكبرى في الولايات المتحدة الأمريكية و أوروبى تقيم وحدات إنتاجية خارجة حدود دولتها الأصلية ففي عام 1865م نشأت شركت باير الألمانية للصناعات الكيميائية و الدوائية مصنعا لها في نيويورك إلا أن أول شركة تستحق وصف متعددة الجنسيات بالمعنى الدقيق للكلمة هي شركة سنجر الأمريكية لصناعة ماكنات الخياطة التي أقامت في عام 1867م مصنعا لها في جلاسكو وتبعته بعده مصانع أخرى في النمسا وكندا ذلك أن سنجر أول شركة قامت بتصنيع نفس السلعة بنفس الشكل وتحت شكل تجاري ,احد في مختلف بلدان العالم وسرعان حذت الكثير من الشركات الأمريكية حذو شركة سنجر كشركة I.T.T للمواصلات السلكية و اللاسلكية فورد FORD لصناعة السيارات وشركة كوداك لآلات التصوير بالإضافة إلى الشركات الأوروبية كشركة ليفير الإنجليزية لصناعة الصابون و الملاحضة هنا أن القطاعات الرئيسة