منتدى التربية و التعليم
center]العالم الثالث والعولمة    الدكتور نوار سويهر 613623[/center]
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضوا معنا
او التسجيل ان لم تكن عضوا وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا العالم الثالث والعولمة    الدكتور نوار سويهر 829894
ادارة المنتدي العالم الثالث والعولمة    الدكتور نوار سويهر 103798




انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى التربية و التعليم
center]العالم الثالث والعولمة    الدكتور نوار سويهر 613623[/center]
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضوا معنا
او التسجيل ان لم تكن عضوا وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا العالم الثالث والعولمة    الدكتور نوار سويهر 829894
ادارة المنتدي العالم الثالث والعولمة    الدكتور نوار سويهر 103798


منتدى التربية و التعليم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

العالم الثالث والعولمة الدكتور نوار سويهر

اذهب الى الأسفل

جديد العالم الثالث والعولمة الدكتور نوار سويهر

مُساهمة من طرف المديرالعام الخميس نوفمبر 05, 2009 5:57 pm

مؤتمر سياتل ومخاوف الدول النامية

مع دخول اجتماعات منظمة التجارة العالمية أول أيامها في أوائل ديسمبر 1999 والتي شاركت فيها 135 دولة 80% منها في دول العالم الثالث بداء الشعور بخيبة الأمل يساور ممثلي الدول النامية الذين شعروا بأن العالم يجلس على فوهة بركان يحاصر دولهم من كل الجوانب ويهدد طموحات التنمية بمستقبل مأساوي لا مخرج منه إلا بإقرار وإيجاد نوع من التوازن وعدم احتكار الأقوياء والأغنياء في الدول المتقدمة للنصيب الوافر من الأرباح والغنائم في ظل القواعد الاقتصادية والتجارية والنقدية العالمية التي زادت أكثر ضراوة وتوحشا في العقد الأخير من القرن العشرين.

إن مفاوضات سياتل قد أثارت الكثير من مخاوف الدول النامية حول العديد من الموضوعات منها ما يرجع إلى اتفاقية دورة أورجواي والتي تم التوقيع عليها في جنيف في ديسمبر 1993 (5) والتي أفرزت منظمة التجارة العالمية اعتبارا من أول يناير 1995 وسلبياتها على أوضاع التنمية، ولكن جانبا هاما أثار المخاوف والصراع في نفس الوقت هو مطالبة الدول المتقدمة بالإعلان عن جولة عالمية جديدة للمزيد من التحرر في قطاعي الزراعة والخدمات اللذين يمثلان ثلثي الناتج الإجمالي العالمي وهو ما يؤثر على مستقبل الأوضاع الاقتصادية الدولية خاصة وأن الدول الكبرى تكاد تحتكر قطاعات الخدمات العالمية، ومع تطورات الاقتصاد العالمي وتحوله للاعتماد المكثف على الثروة المعرفية والتكنولوجية واحتكار الدول الكبرى لنحو 95 % من براءات الاختراع العالمية ولحركة رؤوس الأموال التي وصلت إلى 1500 مليار دولار والقيمة الإجمالية للتجارة العالمية إلى ما يقرب من 6600 مليار دولار في عام 1998 منها 80% تجارة سلعية بقيمة قدرها 5.3 ترليون دولار تجارة خدمات في حين أن القيمة الإجمالية لتجارة السلع الدولية كانت لا تتعدى في عام 1948 58 مليار دولار.

وبالنسبة لحركة الاستثمارات تؤكد أوراق منظمة التجارة العالمية في سياتل على أنها أحد الركائز الرئيسية لتجارة الخدمات الدولية، في الربع الأخير من القرن العشرين بمقدار 27 مرة. و بمتوسط زيادة سنوية 17% ووصلت قيمتها الإجمالية إلى 645 مليار دولار عام 1998 مقابل 60 مليار دولار عام 1985 و 24 مليار دولار عام 1973 وارتفعت قيمة الاستثمارات المباشرة 8 مرات بالمقارنة عام 1980 وبلغت قيمتها الإجمالية 4100 مليار دولار في عام 1997، في حين بلغت الاستثمارات غير المباشرة في البورصات 544 مليار دولار، وكان متوسطا يبلغ 145 مليار دولار في الفترة ما بين 1990 و 1994 وتضاعفها ثلاث مرات للدول المتقدمة.

وتكشف أوراق منظمة التجارة العالمية عن الأعباء المنخفضة التي تتحملها اقتصاديات الدول المتقدمة في حالة فتح أسواقها أمام الواردات من الدول الأقل نموا والسماح بدخولها مع تمتعها بالإعفاء الجمركي لوارداتها من الدول الأقل نموا لن تملها إلا أعباء تقدر قيمتها بنحو 123 مليون دولار من حصيلة جمركية إجمالية قدرها 17.5 مليار دولار وأن جملة واردات أمريكا من هذه الدول البالغ عددها 47 دولة 6.3 مليار تمثل 0.7% من جملة وارداتها السلبية.

وتشير أوراق منظمة التجارة العالمية إلى أن استكمال تنفيذ اتفاقيات دورة أورجواي مع عام 2005 سيؤدي إلى زيادة الناتج الأمريكي (6) بمعدل سنوي يتراوح بين 125 و 250 مليار دولار سنويا وهو ما يعني زيادة القوة الشرائية للأسرة الأمريكية بما يتراوح بين 1500 و 3000 دولار سنويا، إضافة إلى فرص العمل الجديدة التي وفرتها قطاعات التصدير في أمريكا والتي تصل إلى 1.3 مليون فرصة عمل في الفترة من عام 1994-1998 مع ارتفاع فرص العمل بمقدار 12 مليون وانخفاض نسبة البطالة من 6.2% - 4.5 وهي أقل نسبة للبطالة في الولايات المتحدة منذ ثلاثين عاما.

وتشير تقارير سياتل إلى المنافع المحققة التي ستجنيها الدول المتقدمة مع إكمال تحرير التجارة في عام 2005 وتخفيض معدلات الحماية الجمركية بمقدار 40% تبلغ قيمتها 350 مليار دولار فيما يرتبط بالتجارة والنقل والخدمات الحكومية، بالإضافة إلى 69.6 مليار دولار فيما يتعلق بالدعم الزراعي و 24 مليار دولار في قطاع المال والأعمال وخدمات التشييد والبناء وهي جميعا مجالات تصدرها الدول المتقدمة وتحتكر كل منافعها الضخمة.

وبالنسبة لتحرير الزراعة التي تتبناه الدول الصناعية الكبرى كمحور رئيسي في تحرير التجارة العالمية والذي أثار جدلا في جولة أورجواي كما سبق وأن ذكرناه، فإن أهميته الحيوية قد تضاعفت في مؤتمر سياتل خاصة وأن هذا القطاع يتمتع بدعم كبير في أمريكا وأوروبا للحفاظ على قدرته التنافسية في الأسواق العالمية، تم الاتفاق على خفض هذه الحماية في دورة أورجواي في مراكش بالمغرب عام 1994، وأعلنت الدول المصدرة عن استعدادها لتعويض الدول المستوردة الصناعية للغذاء. وهو ما يعني توفير موارد لها كانت مخصصة للدعم ويستفيد منها المستهلك المحلي والمستورد.

ويأتي على رأس قائمة الدول المصدرة للمنتجات الزراعية الولايات المتحدة بقيمة 70 مليار عام 1998 تمثل 12.6% وفرنسا 41 مليار دولار بنسبة 7.4% ثم هولندا بنسبة 6.3% ثم كندا بقيمة 30 مليار دولار 5.4% ومثلها تقريبا ألمانيا ثم تليها بلجيكا ولكسمبورج بقيمة 20 مليار دولار وبنسبة 3% وبريطانيا بقيمة 17 مليار دولار وبنسبة 3.1 كل هذه دول غربية أوربية على رأسها أمريكا وفقط دولة واحدة شذت عن القائمة هي البرازيل التي تبلغ صادراتها من المنتجات الزراعية 17 مليار دولار وبنسبة 3.1% من الإنتاج العالمي.

وإذا ما نظرنا إلى هذه الأرقام الخاصة بقيمة الصادرات الأمريكية والأوروبية من المنتجات الزراعية وقارنا ناتج هذا القطاع السنوي مع إجمالي الناتج القومي للدولة في العالم الثالث لوجدنا أن ناتج لكسمبورج من القطاع الزراعي وحده يفوق الناتج القومي لدولة في العالم الثالث يبلغ سكانها أكثر من40 مليون نسمة ويفوق الناتج القومي الإجمالي للجمهورية اليمنية مثلا التي يصل عدد سكانها إلى أكثر من 17 مليون نسمة بحوالي 8 أضعاف، وهذه الأرقام بطبيعة الحال لا تثير المخاوف والتحفظات لدول العالم الثالث فحسب بل تمثل فاجعة و كارثة كبرى لمستقبل أكثر من أربعة مليار يمثلون نسبة 80% من سكان العالم.

وحول إلزام الدول الموقعة بالقواعد التي أقرتها اتفاقية أورجواي وبفترات السماح الانتقالية المقررة للدول النامية حتى عام 2000 وللدول الأقل نموا حتى عام 2005 وخاصة ما يرتبط بتطبيق القواعد المتشددة لاتفاقية حقوق الملكية الفكرية "تريس" التي تمثل قيدا كبيرا على نقل التكنولوجيا والمعارف الفنية المتقدمة بجعل الدول النامية تشعر بالغضب الشديد والتحفظ إزاء تنفيذ هذه الاتفاقات التي هي غير قادرة على تنفيذها أصلا.

ولأن حالة التحفظ والألم والإعلان في الاجتماعات والتجمعات الدولية والمنظمات العالمية عن شعورها بالحسرة والغضب من أوضاع عدم عدالة النظام الدولي بجميع مفرداته ومكوناته لم يكن مجديا، فقررت التحرك في اتجاه اتخاذ مواقف أكثر إيجابية فكانت قمة هافانا مكرسة لمحاولة وضع استراتيجية لدول الجنوب تعزز مشاركة هذه الدول في الاقتصاد العالمي.

وطالب إعلان القمة بتطبيق مجموعة من المقترحات لإصلاح النظام المالي الدولي وضمان مشاركة أكبر للدول النامية في صناعة القرار بالمؤسسات المالية والحد من التقلبات التي تضر باقتصاد الدول الفقيرة وتشجيع الاستثمارات في العالم الثالث والحد من التدخل في السياسات الداخلية لهذه الدول.
وقد تعهد زعماء المجموعة بالعمل على مشاركة أكبر لدولهم في صناعة القرار بمنظمة التجارة العالمية ومجلس الأمن الدولي التي دعت القمة إلى توسيع عضويته.

ودعت القمة إلى إلغاء الديون المعوقة للتنمية عن كاهل الدول الفقيرة مع التوسع في تقديم المساعدات الحكومية، وطالبت بمنح منتجاتها فرصة أكبر للوصول إلى أسواق الدول المتقدمة، وأشار البيان إلى ضرورة تحرير القواعد الخاصة بحركة العمال من بلد إلى بلد آخر، بالصورة التي تعكس تحرير سياسة رؤوس الأموال (7) وتحريكها بحرية وبسرعة فائقة في مختلف أنحاء العالم التي ترغب التحرك فيه.
وعن دور المجموعة في المحافل الدولية طالبت بتوسع دور مجموعة الـ 77 بتوسيع دورها وتعيين متحدث رسمي باسمها لطرح قضايا الدول النامية أمام المجموعات الدولية مثل منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي وغيرها وطالبت المجموعة الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى بتشجيع نقل التكنولوجيا إلى الدول الفقيرة، ودعت إلى توسيع دائرة التبادل المالي والتعليمي بين دول المجموعة.

وقبل عدة أشهر من انعقاد الاجتماع الوزاري لمنظمة التجارة العالمية في سياتل كانت مجموعات مختلفة من الدول قد أعلنت مواقفها بشأن القضايا التي ستطرح على مؤتمر سياتل، فقد طالبت الدول الإفريقية ودول منطقة الكاريبي والمحيط الهادي في اجتماع قمة ضم 71 من قادة هذه الدول بعدم المساس بالميزات التجارية الممنوحة لها باعتبارها من الدول الأكثر فقرا في العالم وركزت على ضرورة منحها معاملة تجارية تفصيلية وإزالة جميع الحواجز التعريفية التي تفرضها الدول المتقدمة على صادراتها، كما طالبت هذه الدول في اجتماع في سانت دومنجو باحترام المميزات المقررة لها في التعامل مع دول الاتحاد الأوروبي بموجب معاهدة "لومي" وعدم إلغاء هذه المميزات بحجة تناقضها مع قواعد منظمة التجارة العالمية (Cool

وليس هناك من شك في أن الاجتماع الوزاري الثالث لمنظمة التجارة العالمية في سياتل قد فشل فشلا ذريعا ومدويا، إذ فشل المؤتمر في إصدار "بيان ختامي" يجدد أسلوب وأدوات عمل المنظمة مع بداية الألفية الثالثة، كذلك فشل في إطلاق جولة جديدة من مفاوضات تحرير التجارة كما كان مقررا، ولعل من أهم نتائج معركة سياتل كما أطلق عليها أن أية جولة جديدة من جولات التفاوض حول مزيد من تحرير التجارة الدولية لن تتم بالسهولة التي كانت تتصورها الولايات المتحدة. وجاء مؤتمر فشل سياتل أمر طبيعيا، نظرا لعدم احترام التوازن في المصالح بين الدول النامية والدول المتقدمة، إذ أنه في كل جولة تفاوضية يتم تحميل وإرهاق الدول النامية التي تمثل 80% من عضوية المنظمة بمزيد من الالتزامات والاستحقاقات دون الاستفادة من تحرير التجارة بما يتوازى مع حجم تلك الالتزامات الثقيلة.

وفي طوكيو علقت الصحف اليابانية قائلة بأن فشل المؤتمر ألقى مياها باردة على الثقة المفرطة التي أبدتها الولايات المتحدة. وجاء في صحيفة "اساهى مشيمون" أن المؤتمر كان فرصة للدول المتقدمة والنامية لكي تقول "لا" للولايات المتحدة التي اتصفت تصرفاتها بالأنانية والصلف والغرور لكونها القوة العظمى الوحيدة في العالم.
ولعل الشعار الذي رفعه المتظاهرون ضد مؤتمر "سياتل" لا نريد تجارة حرة، بل نريد تجارة عادية، يلخص جوهر المشكلة، إذ أن الفرق بين تجارة حرة وتجارة عادلة يحمل العديد من المعاني والتداعيات، فالحرية التي لا تعود إلى العدل والإنصاف ليست سوى شعار براق لا يحقق الاستقرار والتوازن على الصعيد العالمي.

العرب والدول النامية

واجه العرب منذ بداية الكشوفات الجغرافية تحديات الاستعمار الأوربي الذي بسط نفوذه على قارات العالم القديم، وقام باكتشاف العالم الجديد واستعماره وتعرضت الأمة العربية لكل أشكال السلب والنهب والاضطهاد مثلها مثل بقية دول ما أصبح يعرف بالعالم الثالث منذ الحرب العالمية الثانية، وكانت المنطقة العربية ساحة صراع بين الدول الاستعمارية الأوروبية والدولة العثمانية استمر مئات السنين حتى حسم هذا الصراع، بانتصار دول الحلفاء على دول المحور في الحرب العالمية الأولى التي جاءت نتيجة لدخول الدول الأوروبية الاستعمارية المرحلة الأولى في التطور الإمبريالي الهادف إلى اقتسام العالم، فكان أن تقاسمت بريطانيا وفرنسا التركة العثمانية في المنطقة العربية بعد أن نكثت بوعودها وخدعت (الشريف حسن) الذي قدم لها كل المساعدات في حربها مع تركيا مقابل استقلال المنطقة العربية، وقسمت سوريا إلى منطقتي انتداب فرنسية في سوريا ولبنان وبريطانية في فلسطين تحت إلحاح الأخيرة من أجل تنفيذ خططها الرامية إلى تهويد فلسطين، بمقتضى وعد بلفور بإقامة وطن قومي لليهود فيها.

لذا فقد عين اليهودي الصهيوني "هربرت صمويل مندوبا ساميا على فلسطين بعد أن حصلت بريطانيا على إعتراف الولايات المتحدة وفرنسا وإطاليا بوعد بلفور في معاهدة "سيفر" (9)، وكان أول اقتراح له على الحكومة البريطانية الإسراع في إنشاء دولة يهودية في فلسطين (10) التي قام بفتح أبوابها للهجرة اليهودية تحت حماية التاج البريطاني بعد أن كان الاهتمام الأول بالمسألة اليهودية فرنسيا بدأ مع حملة نابليون على مصر وإشهاره الورقة اليهودية أثناء حصار جيوشه لمدينة عكا في فلسطين، وبدعوته إلى عقد مجمع يهودي عام 1807 وإصدار فرنسا نشرة "المسألة الشرقية الجديدة" عام 1860 وتأسيس الاتحاد الإسرائيلي العالمي في برايس، وهو الاتحاد الذي أنشأ مدرسة "تكفة إيسرائيل الزراعية" قرب يافا عام 1870 بهدف تدريب اليهود على الأعمال الزراعية، وتوطينهم على نطاق واسع في فلسطين (11).

وبدخول الانتداب البريطاني مرحلة جديدة من الاستيطان قام صمويل وبمساعدة الصهيونية العالمية بالحث على شراء واغتصاب الأراضي من أصحابها الفلسطينيين وقمع الانتفاضات والثورات العربية، وبناء المؤسسات الصهيونية والتي أصبحت نواة للدولة اليهودية دخل العرب مرحلة جديدة وفريدة من مراحل الصراع الذي لا مثيل له في العالم، فقد أصبحت الأمة العربية بين فكي كماشة الاستعمار الإمبريالي الفرنسي والبريطاني والاستعمار الاستيطاني الصهيوني الذي يزحف الاقتلاع الوجود العربي بمساعدة الأول وتشجيعه فهو يستهدف اقتلاع شعب وأمة بكاملها من أرضها ليحل محلها، ويحول نضال هذه الأمة من نضال ضد المحتل الأوروبي إلى صراع وجود مع الاحتلال الاستيطاني الصهيوني ومعهما معا.

وبما أن الرجل الأوروبي الأبيض الذي احتل الأمريكيين وأستراليا وأباد أهلها وسكانها الأصليين ضل يحث عن مصادر الثروة والاغتناء في قارات العالم فقد أنشأ مستعمرات استيطانية في أكثر الدول الأفريقية خصوبة وغناء بمؤادها الأولية. مثل جنوب إفريقيا وزمبابوي وفي الوطن العربي مثل الجزائر إلا أنه يختلف عن الاستيطان الصهيوني: في أن الأول لا يستند استيطانه إلى دعاوى تاريخية ودينية وبالتالي صاحب الأرض موجودا ولو عبدا للعنصر الأبيض كما في الجنوب الأفريقي وشبه عبدا يحاول إسناد الجزائر بحكم ادعاء فرنسا بأنها جزء منها، بينما الثاني الصهيوني يسند مصادرته للأراضي الفلسطينية واستيطانه فيها إلى دعاوى دينية تلمودية وتاريخية وهذا هو ما يميز الوطن العربي عن العالم الثالث الذي يشترك معه في كل ما تعرض له من ظلم وقهر لخمسة قرون مضت. فالقرن العشرين جعل العرب أكثر تعرضا لظلم يستهدف وجوده ويعرضه للانقراض وتأتي المرحلة الثانية عندما أصبح الاتحاد السوفيتي والمنظومة الاشتراكية قوة تحسب لها الإمبريالية الاستعمارية الغربية ألف حساب، فبدأت مرحلة التحرر الوطني في القارات الثلاث: آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية ومن ضمنها الوطن العربي بمساعدة القطب الاشتراكي الجديد الذي رفع شعار التحرر والاستقلال والعدالة والمساواة بين الشعوب ولكنه أي الاتحاد السوفيتي وقع في تناقص صارخ بمشاركته مع الولايات المتحدة في صياغة قرار تقسيم فلسطين عام 1947 رغم احتدام العداء بين الطرفين الذي أشتد مع بداية الحرب الباردة بينهما، ثم الاعتراف بالكيان الصهيوني الوليد عام 1948 الذي التقت حوله مصالح البروليتاريا مع مصالح الرأسمالية الإمبريالية في إنشاء دولة استعمارية استيطانية في الوطن العربي حيث وضعت كل من الدولتين في استراتيجيتيها أن تكون دولة إسرائيل ركيزة لها وجسر عبور إلى منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية. فكان أن اعترفت الولايات المتحدة بالكيان الصهيوني بعد إعلانه بثلاث دقائق بينما انتظر الاتحاد السوفيتي عدة ساعات ليسجل ثاني دولة في العلم اعترفت بالدولة الصهيونية المعلنة.

والمرحلة الثالثة مع بداية ملامح الانهيار السوفيتي التي بدأت تلوح في الأفق من خلال بروز الترهل الاقتصادي وانتشار الفساد على نطاق واسع في السنوات الأخيرة من قيادة بريجنيف.

ونظرا لأهمية منطقة الشرق الأوسط في الاستراتيجية الأمريكية، ونظرا للمتغيرات التي استجدت بحدوث الثورة الإيرانية عام 1979 والتي أظهرت عداء شديدا لأمريكا بعد استيلاء الثورة الإسلامية على السلطة في إيران وحزب البعث في العراق، وكلا الدولتين والنظامين يضمران العداء للولايات المتحدة ويتمتعان بقوة اقتصادية وعسكرية يحسب حسابها، لذا عمدت السياسة الأمريكية إلى توسيع الشروخ التي كانت قد بدأت تظهر على جدار العلاقات بين البلدين فأدخلتهما في أتون حرب طاحنة استمرت ثمان سنوات قضت على الأخضر واليابس وأعادت البلدين قرن كامل إلى الوراء، وعندما لاحظت الولايات المتحدة أن الاتحاد السوفيتي بدأ يتهاوى بعد تصدع أركانه قررت أن تكون المنطقة العربية هي ساحة الاحتفال بتنصيب نفسها قائدة للنظام العالمي الجديد وعلى أنقاض النظامين الاشتراكي والعربي في وقت واحد، فاختلفت مشكلة بين العراق والكويت لا وجود لها أصلا وظلت نغذيها حتى انتهت باحتياج الجيش العراقي لدولة الكويت الذي أعطى مبررا لتدميره وتدمير البنية التحتية العراقية و أرجعت الشعب العراقي إلى حياة القرون الوسطى، وبهذا تنفست إسرائيل الصعداء بعد أن أزيح كابوس النظام العربي كله فحققت أهدافها وأهداف الولايات المتحدة الاستراتيجية من الحرب على مستوى المنطقة والعالم ومن هذه الأهداف:
1. حماية المصالح الأمريكية والسيطرة على منابع النفط وتصديره وممارسة الضغوط على الدول المستوردة له.
2. إبراز جبروتها وقدرتها في قيادة النظام العالمي الجديد من خلال حشد قوة أكثر من 32 دولة ضمها التحالف الدولي ضد العراق.
3. إجراء التجارب على أسلحتها الحديثة التي لم يسبق ظهورها من قبل وفي معركة حية أرادت بها إرهاب الدول القوية المشاركة لها في التحالف قبل غيرها.
4. تدمير الجيش العراقي وإخراجه من حساب القوى العربية الشاملة تحقيقا للأهداف الصهيونية التي كانت ترى في وجوده القوة التي كان عليها قبل حرب الخليج الثانية خطرا يهدد طموحاتها التوسعية والاستيطانية في المنطقة.
5. ضرب النظام العربي وتكريس شرعية الكيان الصهيوني في المنطقة من خلال النظام الإقليمي الشرق أوسطي الذي يعتبر نواة للعولمة الأمريكية الصهيونية تنفيذا لخطط صهيونية صيغت في بروتوكولات حكماء صهيون هدفها سيطرة الصهيونية على العالم اقتصاديا وثقافيا وسياسيا.
6. إصدار شهادة الوفاة للنظام العربي من خلال دمجه ضمن دول معادية للعرب وموالية للولايات المتحدة حتى تضمن سيطرتها على المنطقة وإحكام قبضها على ثروتها النفطية والنقدية والتي وصلت إلى أكثر من 800 مليار دولار في البنوك الأمريكية.
7. تحجيم دور المجموعة الأوروبية وجعلها دولا تابعة وتقليص دور العملاقين الاقتصاديين الناشئين اليابان و ألمانيا واللذين أصبحا يشكلان خطرا على الاقتصاد الأمريكي وينافسانه في الأسواق العالمية، خاصة وأن اليابان أصبحت منافسا قويا للولايات المتحدة في مجال تصنيع وتسويق التكنولوجيا الإلكترونية وتكنولوجيا ثورة المعلومات التي تعتبر قاعدة ارتكاز العولمة بعد أن كانت حكرا على أمريكا لعدة عقود مضت.
8. التحكم في الموقع الاستراتيجي الذي يتمتع به الوطن العربي والسيطرة على مداخل بحار ومحيطات العالم من خلال إحكام سيطرتها على مضيق باب المندب وقناة السويس.

ومن الأمور التي تستدعي الوقوف عندها طويلا هو أن الغرب وحتى اللحظة الراهنة لا يزال ينظر إلى العرب وإلى دول الشرق الإسلامية بنفس نظرة هرتزل (12) الذي قال بأن إقامة دولة اليهود في فلسطين ستكل حاجزا بين الغرب المتقدم والشرق الهمجي. وبعد قرن كامل تأتي تصريحات "كلينتون" لتؤكد مقولة هرتزل حيث قال بأن إسرائيل دعامة رئيسية في سياسة الولايات المتحدة وأنه سيحرص دائما على أن تبقى إسرائيل متفوقة في المنطقة اقتصاديا وعلميا وعسكريا (13) في الوقت الذي تتولى فيه الولايات المتحدة إدارة عملية سلام الشرق الأوسط دون السماح بإشراك غيرها، بما فيها الجامعة العربية صاحبة الشأن الأول في هذه العملية (14).

ولكي يكون جوهر تطابق الأهداف الصهيونية الأمريكية في المنطقة أكثر وضوحا لابد من المرور على بعض طروحات شيمون بيريز الذي طلما اعتبره بعض القادة العرب المنقذ للسلام والمخلص للمنطقة من صراع مرير طال نحو قرن من الزمان، وأنجر وراء هؤلاء البعض من القادة بعض المثقفين العرب الذين أطلقوا عليه " أو نعتوه" بقائد سرب الحمام في الدولة الصهيونية: هذا الصهيوني العنيد قائد سرب حمائم السلام استحوذ عليه الخوف من الأصولية الإسلامية كما سماها وسيطرت على مجمل أفكاره التي عبر عنها في كتابه"الشرق الأوسط الجديد" وكرر الكتابة عن هذا الخطر المزعوم في أكثر من دورية وصحيفة وفي خطاباته ولقاءاته في أكثر من مناسبة ومتى أتيحت له فرصة التشهير بالإسلام ووصمه بالإرهاب و زعزعة الاستقرار ليس فقط في الشرق الأوسط ولكن في كل بقعة من بقاع المعمورة. ولم يفوت الفرصة أثناء انعقاد مؤتمر شرم الشيخ في 13 مارس 1996 بمبادرة أمريكية صرفة استهدفت جلب التعاطف العالمي مع إسرائيل بعد العمليات الجهادية الفلسطينية التي مثلت عمق انفصال الموقف الشعبي والفكري عن المواقف الرسمية العربية، وبخاصة في تلك البلدان العربية المتحالفة بالتبعية مع الولايات المتحدة. فقد أصر بيريز على أنينعقد المؤتمر تحت مسمى " مؤتمر مكافحة الإرهاب الإسلامي" وأخير عقد المؤتمر لمقاومة الإرهاب العربي تحديدا بزعامة أمريكية قوية، فقد أثار مقتل 63 صهيونيا (15) الشعور في الضمير الأمريكي والأوروبي، بينما استشهاد الآلاف من العرب وقتل الأسرى ودفن البعض منهم أحياء وتكسير عظام الأطفال الفلسطينيين وتقنين التعذيب قضايا لا تستحق الإلتفات إليها. وحتى لا نكون في غفلة عن أسباب تدهور حال الأمة العربية فإن ما أصدرته بعض الأنظمة العربية من بيانات رسمية تدين العمليات الاستشهادية وتصفها بالإرهابية قد أيقظ الضمير العربي وحول الغفوة إلى صحوة لسيما وأن الأوساط الشعبية والفكرية رأت في العمليات الانتحارية الرد الفعال على الإرهاب الصهيوني، واعتبرته عملا مشروعا وبطوليا يجب مساندته.
وحتى لا ننسى ونحن العرب أصحاب ذاكرة ضعيفة بأن داعية السلام وحمامته شيمون بيريز هو الذي ارتكب مجزرة "قانا" اللبنانية وقتل 120 طفل وعجوز وامرأة حامل في عقر دار الأمم المتحدة بعد أن لجأوا إلى قاعد قوات حفظ السلام الدولية في قرية قانا من قصف الطيران الإسرائيلي فأمر داعية السلام هذا وكان رئيس وزراء الكيان الصهيوني بإمطار القاعدة والملجأ بوابل من قذائف المدفعية التي دمرت الملجأ ودفنت نصف الشهداء أحياء تحت الأنقاض في عملية تخجل من فعلها النازية. ومع ذلك ظل هذا الإرهابي الصهيوني حمامة سلام في نظر بعض القادة العرب، بل وذهب البعض إلى ما هو أبعد من ذلك، حين حضروا افتتاح معهد بيريز لسلام الشرق الأوسط في القدس المحتلة بعد ارتكابه المجزرة الآثمة. وقد تعود بيريز على الدوام وفي كل المناسبات والمنتديات والمحافل الدولية على تحقير العرب والتشكيك في قدراتهم لمواكبة العصر والتركيز على تخلفهم وعدم قدرتهم على استغلال وإدارة ثرواتهم وامكاناتهم في الطريق الصحيح، مؤكدا دائما أن إسرائيل وحدها هي القادرة على إدارة المنطقة اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا (حضاريا).. غير أنه ذهب في خطابه أمام منتدى دافوس المنعقد في 30 يناير 2000م إلى ما هو أبعد من كل هذا، فقد كان له أن ينادي بالعالم العربي إلى قبول الصهيونية رائدة التقدم إذ قال "لا نريد أن نكون جزيرة ثراء وسط وحل من الفقر أو بلدا نقيا يغرق في منطقة ملوثة ومحيط قذر، نعم والفقر والتلوث بطبيعة الأمر من سمات العالم العربي الذي تكره أن تراه" (16).

ورغم أن المؤتمر مكرس للجانب الاقتصادي في المقام الأول فقد استمر شمعون بيريز بعنجهيته التقليدية واحتقاره العنصري العميق للعرب وطالب بإدراج قضية التعليم والتربية على جدول أعمال المنتدى مما دفع وزير الخارجية المصري عمرو موسى وهو الذي عودنا على مواقفه الوطنية الغيورة من "الدار البيضاء" إلى "دافوس" أن يقف في مواجهة هذا الطلب الذي يستهدف في المرتبة الأولى تكريس وتعميق التطبيع.


2. د. سمير أمين: في مواجهة أزمة عصرنا، سينا للنشر، القاهرة 1997 ص 95 وما بعدها.
3. المستقبل العربي: مصدر سابق ص 47.
4. جاري بير تلس وآخرون: جنون العولمة، ترجمة كمال السيد مركز الأهرام للترجمة والنشر: مؤسسة الأهرام، الطبعة الأولى، القاهرة 1999، ص 40.
5. منير زهران: في ندوة منظمة التجارة العالمية في سياتل، المستقبل العربي، عدد 256، 6/2000ن ص 110.
6. د. نبيل زكي: أستاذ الاقتصاد بجامعة نيويورك في حديث للنشرة الاقتصادية" قناة الجزيرة في 5/5/2000.
7. الأهرام "ووكالات الأنباء" 15/4/2000.
8. د. محمود عبد الفضيل "العولمة" وعالم ما بعد سياتل، الأهرام 16 ديسمبر 1999.
9. دلدياني: الصهيونية على حقيقتها: دار التقدم، موسكو، 1989، ص 227.
10. بيتر ما تستفيلد: تاريخ مصر الحديث والشرق الأوسط، دار التقدم/موسكو، 1988 ص 292.
11. عبد الوهاب الكيالي: تاريخ فلسطين الحديث: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت الطبعة الأولى، بدون تاريخ ص 3.
12-Robin wright old ways falling but new order is still working, Los Angelos Times, June 26, 1991.


13. أحمد شاه: السلام الأمريكي إلى أين؟ مجلة الطريق، العدد الثاني، بيروت، مارس - أبريل 1996. ص 33.
14. جريدة تشرين السورية: دمشق، 12/12/1995م.
15. د. عبد العاطي محمد قمة شرم الشيخ وآفاق السلام والأمن بالشرق الأوسط، السياسة الدولية، العدد 24، أبريل 1996، ص 139.
16. د. أنور عبد الملك: صحوة الأمم: نهضة الحضارات: الأهرام 8/2/2000م.
17. مقابلة مع عبد المنعم خليفة مدير عام هيئة التصنيع العربية أجرته الأهرام ونشرت في 5/5/2000م.
18. صلاح الدين حافظ: ترويج العولمة والترويج التيواني لمصر: الأهرام 2/2/2000.
19. من حديث مع د. صمويل هينتجتون أجراه في واشنطن محمد على صالح: مجلة المجلة، العدد 896 من 13-19 /4/1997.
20. د. فوزي حماد: لكي نتجنب مصير الهنود الحمر : مجلة المصور، عدد 19/2/1999
المديرالعام
المديرالعام
المدير العام
المدير العام

عدد الرسائل : 1275
العمر : 64
تاريخ التسجيل : 10/12/2008

https://histgeo.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى