جمعية العلماء- فصل الدين عن الحكومة- 2-
صفحة 1 من اصل 1
جمعية العلماء- فصل الدين عن الحكومة- 2-
الاستعمار والعربية
لقد حاربتْ فرنسا التعليم العربيَّ الحر، بشراسة منقطعة النظير، لعِلْمِهَا أَنَّ بقاءَ العربية في الجزائر يَعْني بقَاء الإسلام واستمرارَه في هذه البلاد، ولذلك أصْدَرتْ قوانينَ شتَّى، تَهْدِف إلى مَنْعِ هذا التعليم، وكان أشد تلك القوانين ، قانونَ 8 مارس 1938م، الذي كان له أسوأُ الأثر على الجزائريين قاطبة؛ مما دَفَعَ الإمامَ الشيخ عبد الحميد بن باديس (عليه رحمة الله) إلى محاربته باللسانِ وبالقلمِ؛ من ذلك أنه أَبْرَقَ إلى رئيس الوزراء الفرنسي "دلادي" مُستنكِرًا فيه الوضعَ الذي آل إليه التعليمُ العربيُّ الحرُّ ويطالبُه بالتدخُّل الفوري وهذا نص البرقية كما نشرت في العدد 156من جريدة "البصائر" الصادرة يوم الجمعة 18محرم 1358الموافق لـ :10مارس 1939م :
برقية شكوى واستنكار
رئيس الوزارة الفرنسية، م دلادي
باريس
يا جناب الوزير :
إلى اليوم ، وفي هذه الظروف ما يزال التضييق متواليًا ومتزايدًا على التعليم الإسلامي؛ فالمساجدُ محجَّرةٌ ، وكثيرٌ من المدارس معطَّلَةٌ، وكثيرٌ من الكتاتيبِ القرآنيةِ مُغلقةٌ، وكثيرٌ من المعلمين مُتابَعُون في المحاكِم، ومِئاتُ الآلاف من أبنائنا مُشرَّدون في الشوارع
يَمتَثِلُ الشيوخُ للقانون فيطلبون رُخَصَ التعليمِ وَيُقدِّمون جميعَ اللوازم، فلا يُسْمَعُ لهم صوتٌ بل كثيرًا ما نُزِعَت الرُّخَصُ مِن أيدي أَصحابها. كلُّ هذا من آثار قانون 8 مارس المطبق على التعليم الإسلامي تطبيقًا جائرًا مُغرضًا، بَمنع الرخَصَ عن أهلها، وبنزِعُها منهم ، بينما التعليمُ الأجنبيُّ - والأجنبي المعادي - يتمَّتعُ بكل حريةٍ واحترام!
يا جناب الوزير :
إنني في هذا اليوم - يوم 8 مارس الذي هو من أسوأ الأيام في تاريخ الإسلام بالجزائر- أرفَعُ إليكم بِاسْمِ الإسلامِ كلمةَ الاستنكار التام لهذه الحال، وأُقدِّمُ إليكم باسْمِ المسلمين مُّرَّ الشكْوَى من هذه المعاملة الخاصَّةِ التي تَرَكتْ في القلوب أَسْوأ الآثارِ، وأَوْجَعَ الآلام ، راجيا منكم أن تتداركوا الأمر بما عُرف عنكم من حكمة وبُعْدِ نظَرٍ ووزْنٍ للأحوال.
لكم باحترام
عبد الحميد بن باديس
رئيس جمعية العلماء الجزائريين
الاستعمار والإسلام
لقد حاربتْ فرنسا الإسلامَ لأنه قَطَعَ عليها الطريقَ لتذويب المجتمع الجزائري وإدماجه في المجتمع الفرنسي حتى ترتبط الجزائر بفرنسا برباط أبديٍّ، وقد فَعَلَتْ ذلك من أَول يوْمٍ دخلَتْ فيه الجزائر، وإلى آخِرِ يومٍ خرجَتْ فيه منها ، ذلك ما سجَّله الإمامُ الإبراهيميُّ في الجزء الثالث من آثاره ص 80 قائلا :
جاءَ الاستعمار الَّدنِسُ الجزائرَ يَحْمِلُ : السيفَ والصليبَ، ذلك للتمكُّن.
وهذا للتمكين ، فَملَكَ الأرضَ واسْتَعْبَدَ الرقابَ، وفَرضَ الجِزي ، وسخَّر العقولَ والأبدانَ، ولو وقَفَ عند حدُود الدُّنيويات لقلْنَا : تلك هي طبيعةُ الاستعمار الجائع، تدفعه الشهواتُ إلى اللذات ، فيجْرِي إلى مَداها وَيقف، وتدفعه الأنانيةُ إلى الحيوانيةِ فيلتقمُ ولا ينتقمُ، ولكنه كان استعمارًا دينيًّا مسيحيًّا عاريًّا، وَقَفَ للإسلام بالمرصاد من أول يوم ، وانتَهكَ حُرُماته من أول يومٍ فابَتزَّ أموالَهُ الموقوفةَ بالقَهْر وتصرَّفَ في مَعابِدهِ بالتحويل (جامع كتشاوة مثلا) والهدم، وتحكم في الباقي منها بالاحتكار والاستبداد، وتدخَّل في شعائره بالتضييق والتشديد ، كلُّ ذلك بروح مسيحيةٍ رومانية تُشِعُّ بالحِقد، وتَفُورُ بالانتقام، ولم يكتف بذلك حتى احتضَنَ اليهوديةَ، وحَمَى أهلَها، وأَشْرَكَهُم في السيادة ليؤلِّبها مع المسيحية على حرب الإسلام، ويُجنِّدَها في الكتائب المُغيرة عليه.
ويقول كذلك في الجزء الخامس من آثاره ص 284 :
وقَد اطمأنتْ إلى أن الشعبَ الجزائريِّ قد مَات كما صَرَّح بذلك أحدُ ساسَتِها الكبار في خطبةٍ ألقاهَا على مُمثلي الأمَم في المهرجان الذي أقَامتْه في عِيدِها المئويِّ لاحتلال الجزائر، وكان مما قالَ لا تظنُّوا أنَّ هذه المهرجاناتِ من أجْل بلوغِنَا مائةَ سنةٍ في هذا الوطن، فقدْ أَقامَ الرومان قبْلَنَا فيه ثلاثَة قرونٍ، ومعَ ذلك خرَجُواْ منه، ألا فلتعلموا أن مَغزَى هذه المهرجانات هو تشييعُ جنازة الإسلام بهذه الديار ) .!!
العناية الإلهية
تلك هي مخازي الإجرام الاستعماري التي يندى لها جبين الإنسانية والتي تقشعِرُّ منها الإنسانيةُ الحرة والتي يستنكِرُها الفرنسيون الأحرارُ أنفسُهم قديمًا وحديثًا كما رَأينَا ونرى !!
ولكن الله سلم، ففي العيد المئوي الذي أقامَه الفرنسيون ابتهاجًا بتحويل الجزائر نهائيا من شَعْبٍ عربيٍّ مُسلمٍ، إلى شَعْب فرنسيٍّ وَطَنا، وجنسيةً، ولغةً، وعقيدةً ، وحضارةً؛ فإذا بالعناية الإلهية تَشاءُ أن تتأَسَّسَ جمعيةُ العلماء المسلمين الجزائريينَ وفْقًا لقوله صلَّى الله عليه وسلم في ما رَواه أبو داود (رحمه الله) في سُنَنهِ عن أبي هريرة (رضي الله عنه) أن النبيّ صلَّى الله عليه و سلَّم قال : إن اللهَ يبعثُ لهذه الأمة على رأس كل مائةِ سنةٍ من يجدد لها دينها" فَتحمل شعارَها المعروفَ :
" الإسلام ديننا، والعربية لغتنا، والجزائر وطننا" ؛ وما هي إلا سنواتٌ قليلةٌ حتى قَيَّضَ اللهُ تعالى للجزائر أبناءً وطنِّيينَ بَرَرةً، شَقُّواْ طريقَ النضال المسلَّح، لطـِـرد المحتلين وتحقيق الاستقلال الوطني المنشود، تحْت راية جَبهة التحرير الوطني وجيشها المجيد جيش التحرير الوطني فلله الحمد، والشكر.
هذا؛ ولنحرصْ جميعًا على صيانة الاستقلال ومقوماته في وحدة وطنية، وتضامُنٍ في الصفوف، رجالاً ونساء، فتيانًا وفتياتٍ، لِيَصْلُحَ حاضرُنا، ونُشيّدَ مستقبلَنَا على هدى من الله وبصيرة ، ولِنواجِهَ كلَّ التحديات أيَّا كان نَوعُها ومصْدرُها، والله ولِيُّ التوفيق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد حاربتْ فرنسا التعليم العربيَّ الحر، بشراسة منقطعة النظير، لعِلْمِهَا أَنَّ بقاءَ العربية في الجزائر يَعْني بقَاء الإسلام واستمرارَه في هذه البلاد، ولذلك أصْدَرتْ قوانينَ شتَّى، تَهْدِف إلى مَنْعِ هذا التعليم، وكان أشد تلك القوانين ، قانونَ 8 مارس 1938م، الذي كان له أسوأُ الأثر على الجزائريين قاطبة؛ مما دَفَعَ الإمامَ الشيخ عبد الحميد بن باديس (عليه رحمة الله) إلى محاربته باللسانِ وبالقلمِ؛ من ذلك أنه أَبْرَقَ إلى رئيس الوزراء الفرنسي "دلادي" مُستنكِرًا فيه الوضعَ الذي آل إليه التعليمُ العربيُّ الحرُّ ويطالبُه بالتدخُّل الفوري وهذا نص البرقية كما نشرت في العدد 156من جريدة "البصائر" الصادرة يوم الجمعة 18محرم 1358الموافق لـ :10مارس 1939م :
برقية شكوى واستنكار
رئيس الوزارة الفرنسية، م دلادي
باريس
يا جناب الوزير :
إلى اليوم ، وفي هذه الظروف ما يزال التضييق متواليًا ومتزايدًا على التعليم الإسلامي؛ فالمساجدُ محجَّرةٌ ، وكثيرٌ من المدارس معطَّلَةٌ، وكثيرٌ من الكتاتيبِ القرآنيةِ مُغلقةٌ، وكثيرٌ من المعلمين مُتابَعُون في المحاكِم، ومِئاتُ الآلاف من أبنائنا مُشرَّدون في الشوارع
يَمتَثِلُ الشيوخُ للقانون فيطلبون رُخَصَ التعليمِ وَيُقدِّمون جميعَ اللوازم، فلا يُسْمَعُ لهم صوتٌ بل كثيرًا ما نُزِعَت الرُّخَصُ مِن أيدي أَصحابها. كلُّ هذا من آثار قانون 8 مارس المطبق على التعليم الإسلامي تطبيقًا جائرًا مُغرضًا، بَمنع الرخَصَ عن أهلها، وبنزِعُها منهم ، بينما التعليمُ الأجنبيُّ - والأجنبي المعادي - يتمَّتعُ بكل حريةٍ واحترام!
يا جناب الوزير :
إنني في هذا اليوم - يوم 8 مارس الذي هو من أسوأ الأيام في تاريخ الإسلام بالجزائر- أرفَعُ إليكم بِاسْمِ الإسلامِ كلمةَ الاستنكار التام لهذه الحال، وأُقدِّمُ إليكم باسْمِ المسلمين مُّرَّ الشكْوَى من هذه المعاملة الخاصَّةِ التي تَرَكتْ في القلوب أَسْوأ الآثارِ، وأَوْجَعَ الآلام ، راجيا منكم أن تتداركوا الأمر بما عُرف عنكم من حكمة وبُعْدِ نظَرٍ ووزْنٍ للأحوال.
لكم باحترام
عبد الحميد بن باديس
رئيس جمعية العلماء الجزائريين
الاستعمار والإسلام
لقد حاربتْ فرنسا الإسلامَ لأنه قَطَعَ عليها الطريقَ لتذويب المجتمع الجزائري وإدماجه في المجتمع الفرنسي حتى ترتبط الجزائر بفرنسا برباط أبديٍّ، وقد فَعَلَتْ ذلك من أَول يوْمٍ دخلَتْ فيه الجزائر، وإلى آخِرِ يومٍ خرجَتْ فيه منها ، ذلك ما سجَّله الإمامُ الإبراهيميُّ في الجزء الثالث من آثاره ص 80 قائلا :
جاءَ الاستعمار الَّدنِسُ الجزائرَ يَحْمِلُ : السيفَ والصليبَ، ذلك للتمكُّن.
وهذا للتمكين ، فَملَكَ الأرضَ واسْتَعْبَدَ الرقابَ، وفَرضَ الجِزي ، وسخَّر العقولَ والأبدانَ، ولو وقَفَ عند حدُود الدُّنيويات لقلْنَا : تلك هي طبيعةُ الاستعمار الجائع، تدفعه الشهواتُ إلى اللذات ، فيجْرِي إلى مَداها وَيقف، وتدفعه الأنانيةُ إلى الحيوانيةِ فيلتقمُ ولا ينتقمُ، ولكنه كان استعمارًا دينيًّا مسيحيًّا عاريًّا، وَقَفَ للإسلام بالمرصاد من أول يوم ، وانتَهكَ حُرُماته من أول يومٍ فابَتزَّ أموالَهُ الموقوفةَ بالقَهْر وتصرَّفَ في مَعابِدهِ بالتحويل (جامع كتشاوة مثلا) والهدم، وتحكم في الباقي منها بالاحتكار والاستبداد، وتدخَّل في شعائره بالتضييق والتشديد ، كلُّ ذلك بروح مسيحيةٍ رومانية تُشِعُّ بالحِقد، وتَفُورُ بالانتقام، ولم يكتف بذلك حتى احتضَنَ اليهوديةَ، وحَمَى أهلَها، وأَشْرَكَهُم في السيادة ليؤلِّبها مع المسيحية على حرب الإسلام، ويُجنِّدَها في الكتائب المُغيرة عليه.
ويقول كذلك في الجزء الخامس من آثاره ص 284 :
وقَد اطمأنتْ إلى أن الشعبَ الجزائريِّ قد مَات كما صَرَّح بذلك أحدُ ساسَتِها الكبار في خطبةٍ ألقاهَا على مُمثلي الأمَم في المهرجان الذي أقَامتْه في عِيدِها المئويِّ لاحتلال الجزائر، وكان مما قالَ لا تظنُّوا أنَّ هذه المهرجاناتِ من أجْل بلوغِنَا مائةَ سنةٍ في هذا الوطن، فقدْ أَقامَ الرومان قبْلَنَا فيه ثلاثَة قرونٍ، ومعَ ذلك خرَجُواْ منه، ألا فلتعلموا أن مَغزَى هذه المهرجانات هو تشييعُ جنازة الإسلام بهذه الديار ) .!!
العناية الإلهية
تلك هي مخازي الإجرام الاستعماري التي يندى لها جبين الإنسانية والتي تقشعِرُّ منها الإنسانيةُ الحرة والتي يستنكِرُها الفرنسيون الأحرارُ أنفسُهم قديمًا وحديثًا كما رَأينَا ونرى !!
ولكن الله سلم، ففي العيد المئوي الذي أقامَه الفرنسيون ابتهاجًا بتحويل الجزائر نهائيا من شَعْبٍ عربيٍّ مُسلمٍ، إلى شَعْب فرنسيٍّ وَطَنا، وجنسيةً، ولغةً، وعقيدةً ، وحضارةً؛ فإذا بالعناية الإلهية تَشاءُ أن تتأَسَّسَ جمعيةُ العلماء المسلمين الجزائريينَ وفْقًا لقوله صلَّى الله عليه وسلم في ما رَواه أبو داود (رحمه الله) في سُنَنهِ عن أبي هريرة (رضي الله عنه) أن النبيّ صلَّى الله عليه و سلَّم قال : إن اللهَ يبعثُ لهذه الأمة على رأس كل مائةِ سنةٍ من يجدد لها دينها" فَتحمل شعارَها المعروفَ :
" الإسلام ديننا، والعربية لغتنا، والجزائر وطننا" ؛ وما هي إلا سنواتٌ قليلةٌ حتى قَيَّضَ اللهُ تعالى للجزائر أبناءً وطنِّيينَ بَرَرةً، شَقُّواْ طريقَ النضال المسلَّح، لطـِـرد المحتلين وتحقيق الاستقلال الوطني المنشود، تحْت راية جَبهة التحرير الوطني وجيشها المجيد جيش التحرير الوطني فلله الحمد، والشكر.
هذا؛ ولنحرصْ جميعًا على صيانة الاستقلال ومقوماته في وحدة وطنية، وتضامُنٍ في الصفوف، رجالاً ونساء، فتيانًا وفتياتٍ، لِيَصْلُحَ حاضرُنا، ونُشيّدَ مستقبلَنَا على هدى من الله وبصيرة ، ولِنواجِهَ كلَّ التحديات أيَّا كان نَوعُها ومصْدرُها، والله ولِيُّ التوفيق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مواضيع مماثلة
» جمعية العلماء- فصل الدين عن الحكومة- 1
» جمعية العلماء م ج 2
» جمعية العلماء م ج تابع
» جمعية العلماء المسلمين الجزائريين
» جمعية العلماء والثورة المباركة
» جمعية العلماء م ج 2
» جمعية العلماء م ج تابع
» جمعية العلماء المسلمين الجزائريين
» جمعية العلماء والثورة المباركة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى